فصل: سورة المائدة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المنتخب في تفسير القرآن



.تفسير الآيات (149- 152):

{إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (149) إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (151) وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (152)}
149- إن تُظهروا خيراً أو تُسِروه، أو تصفحوا عمن يسئ إليكم، يثبكم الله لتخلقكم بأخلاقه- تعالى- من العفو مع كمال القدرة، والله- سبحانه- عظيم العفو كامل القدرة.
150- إن الذين لا يؤمنون بالله ورسله، والذين يريدون التفرقة في الإيمان بالله ورسله ويقولون: نؤمن ببعض الرسل دون بعض، فيؤمنون بمن يحبون، ويكفرون بمن لا يحبون، والواجب الإيمان بالجميع، لأن الإيمان لا يقبل أن يتجزأ.
151- هؤلاء جميعاً هم الممعنون في الكفر البين، وقد أعد الله لهم ولأمثالهم عذاباً شديداً مذلاً.
152- وأما من آمنوا بالله ورسله، ولم يُكذِّبوا بأحد منهم، فإن الله يثيبهم على كامل إيمانهم الثواب العظيم، والله غفور للتائبين، رحيم بعباده.

.تفسير الآيات (153- 156):

{يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا (153) وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (154) فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (155) وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (156)}
153- يسألك- أيها الرسول- أهل الكتاب من اليهود متعنتين، أن تقيم دليلاً على صدق نبوتك، فتأتيهم بكتاب خاص، ينزل عليهم من السماء بصدق رسالتك، ويدعوهم إلى الإيمان بك وطاعتك، فإن استكثرت ما سألوا فلا تعجل، فقد تعنت أسلافهم فسألوا موسى أكبر من ذلك، فقالوا: أرنا الله عيانا فعاقبهم على تعنتهم وظلمهم بصاعقة أهلكتهم ثم اذكر لهؤلاء جرماً أشد وأفظع، وهو أنهم اتخذوا العجل إلهاً لهم من دون خالقهم، بعد ما عاينوا الأدلة التي أظهرها موسى لفرعون وقومه ثم وسعهم عفو الله بعد إنابتهم إليه، وأيد الله موسى بالحُجة الواضحة والكلمة النافذة.
154- ورفع الله الجبل فوق بني إسرائيل، تهديداً لهم لامتناعهم عن قبول شريعة التوراة، حتى قبلوا، وأخذ عليهم الميثاق، وأمرهم أن يدخلوا القرية خاضعين لله، وألا يتجاوزوا ما أمرهم بالتزامه من العبادة في يوم السبت، ولا يعتدوا فيه، وقد أخذ عليهم في كل ذلك عهداً مؤكداً.
155- فغضب الله عليهم، بسبب نقضهم هذا الميثاق، وكفرهم بآيات الله، وقتلهم الأنبياء ظالمين- ولا يكون ذلك إلا ظلماً-، وإصرارهم على الضلال بقولهم: قلوبنا محجوبة عن قبول ما نُدْعَى إليه، وليسوا صادقين في قولهم، بل طمس الله على قلوبهم بسبب كفرهم، فلا يؤمن منهم إلا قلة من الناس.
156- وغضب الله عليهم بسبب كفرهم وافترائهم على مريم افتراء كبيراً.

.تفسير الآيات (157- 162):

{وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158) وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (159) فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا (160) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (161) لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا (162)}
157- وغضب الله عليهم بسبب قولهم مستخفين: إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله، والحق المستيقن أنهم ما قتلوه، كما زعموا وما صلبوه كما ادعوا.. ولكن شُبِّه لهم، فظنوا أنهم قتلوه وصلبوه، وإنما قتلوا وصلبوا من يشبهه، وقد اختلفوا من بعد ذلك في أن المقتول عيسى أم غيره، وأنهم جميعاً لفى شك من أمره.. والواقع أنهم يقولون ما لا علم لهم به إلا عن طريق الظن، وما قتلوا عيسى قطعاً.
158- بل رفع الله عيسى إليه وأنقذه من أعدائه، ولم يصلبوه، ولم يقتلوه والله غالب لا يقهر، حكيم في أفعاله.
159- وما من أحد من أهل الكتاب إلا ليدرك حقيقة عيسى قبل موته وأنه عبد الله ورسوله، ويؤمن به إيماناً لا ينفعه لفوات أوانه، ويوم القيامة يشهد عليهم عيسى بأنه بَلَّغَ رسالة ربه وأنه عبد الله ورسوله.
160- فبسبب ما وقع من اليهود من ظلم، عاقبهم الله، فَحَرَّم عليهم ألواناً من الطيبات كانت حلالاً لهم، وكان من هذا الظلم مَنْعُهم كثيراً من الناس من الدخول في دين الله.
161- وبسبب تعاملهم بالربا- وقد حرَّمه الله عليهم- وأخذهم أموال الناس بغير حق، كان عقاب الدين بتحريم بعض الطيبات عليهم. وقد أعدَّ الله لمن كفر عذاباً مؤلماً.
162- لكن المتثبتون في العلم من اليهود والمؤمنون من أمتك- أيها النبى- يصدقون بما أُوحى إليك وما أُوحى إلى الرسل من قبلك. والذين يؤدون الصلاة حق الأداء، ويعطون الزكاة، ويصدقون بالله وبالبعث والحساب، أولئك سيجزيهم الله على إيمانهم وطاعتهم أحسن الجزاء.

.تفسير الآيات (163- 168):

{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (163) وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (164) رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (165) لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (166) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا (167) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (168)}
163- إنا أوحينا إليك- أيها النبى- القرآن والشريعة، كما أوحينا من قبلك إلى نوح وإلى النبيين من بعده، وكما أوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط، وهم أنبياء الله من ذرية يعقوب، وإلى عيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان، وكما أوحينا إلى داود فأنزلنا عليه كتاب الزبور.
164- وكذلك أرسلنا رسلاً كثيرين ذكرنا لك أنباءهم من قبل، ورسلاً آخرين لم نذكر قصصهم، وكانت طريقة الوحى إلى موسى أن كلَّمه الله تكليماً من وراء حجاب بلا واسطة.
165- بعثنا هؤلاء الرسل جميعاً، مبشرين من آمن بالثواب، ومنذرين من كفر بالعقاب، حتى لا يكون للناس على الله حُجة يتعللون بها بعد إرسال الرسل، والله قادر على كل شيء، غالب لا سلطان لأحد معه، حكيم في أفعاله.
166- لكن إذا لم يشهدوا بصدقك، فالله يشهد بصحة ما أنزل إليك، لقد أنزله إليك مُحكماً بمقتضى علمه، والملائكة يشهدون بذلك، وتغنيك- أيها الرسول- شهادة الله عن كل شهادة.
167- إن الذين كفروا فلم يصدقوك، ومنعوا الناس عن الدخول في دين الله، قد بعدوا عن الحق بُعداً شديداً.
168- إن الذين كفروا وظلموا أنفسهم بالكفر. وظلموا الرسول بجحد رسالته، وظلموا الناس، إذ كتموهم الحق، لن يغفر الله لهم ما داموا على كفرهم، ولن يهديهم طريق النجاة، وما كان من شأنه- سبحانه- أن يغفر لأمثالهم وهم في ضلالهم.

.تفسير الآيات (169- 172):

{إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (169) يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (170) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (171) لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا (172)}
169- ولكن يسلك بهم طريق النار. مُخَلَّدين فيها أبداً، وأمر ذلك يسير على الله.
170- يا أيها الناس قد جاءكم الرسول محمد بالدين الحق من عند ربكم، فَصَدِّقوا بما جاء به يكن خيراً لكم، وإن أبيتم إلا الكفر فالله غنى عن إيمانكم، مالك لكم، فله ما في السموات والأرض ملكاً وخلقاً وتصرفاً، وهو العليم بخلقه، الحكيم في صنعه، لا يضيع أجر المحسن، ولا يهمل جزاء المسئ.
171- يا أهل الكتاب لا تتجاوزوا الحق مغالين في دينكم، ولا تفتروا على الله الكذب، فتنكروا رسالة عيسى، أو تجعلوه إلهاً مع الله، فإنما المسيح رسول كسائر الرسل، خلقه الله بقدرته وكلمته التي بُشَّر بها، ونفخ روحه جبريل في مريم، فهو سِرٌّ من أسرار قدرته، فآمنوا بالله ورسله جميعاً إيماناً صحيحاً ولا تدَّعوا أن الآلهة ثلاثة، انصرفوا عن هذا الباطل يكن خيراً لكم، فإنما الله واحد لا شريك له، وهو منزه عن أن يكون له ولد، وكل ما في السموات والأرض ملك له، وكفى به- وحده- مدبِّراً لملكه.
172- لن يترفع المسيح عن أن يكون عبداً لله، ولن يترفع عن ذلك الملائكة المقربون، ومن يتكبر ويترفع عن عبادة الله فلن يفلت من عقابه يوم يجمع الله الناس للحساب.

.تفسير الآيات (173- 176):

{فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (173) يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (174) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (175) يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176)}
173- فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم ثواب أعمالهم ويزيدهم من فضله، إكراماً وإنعاماً، وأما الذين أَنِفُوا أن يعبدوه، وترفعوا أن يشكروه فقد أعد لهم عذاباً شديد الإيلام، لن يدفعه عنهم معين ولن يمنعهم منه نصير.
174- يا أيها الناس، قد جاءتكم الدلائل الواضحة على صدق الرسول محمد، وأنزلنا إليكم على لسانه قرآناً بيناً كالنور، يضئ الطريق ويهديكم إلى النجاة.
175- فأما الذين صدقوا بالله ورسالاته، وتمسكوا بدينه، فسيدخلهم في الآخرة جناته، ويغمرهم بفيض رحمته، ويشملهم بواسع فضله وسيوفقهم في الدنيا إلى الثبات على صراطه المستقيم.
176- يسألونك- أيها النبى- عن ميراث من مات ولا ولد له ولا والد، فحكم الله فيه هو: أنه إذا كان للمُتَوَفَّى أخت، فلها نصف تركته، وأيضاً إذا كان للمتوفاة التي لا زوج لها ولا ولد أخ فله تركتها، وإن كان للمُوَرِّث أختان فلهما ثلثا تركته وإن كانوا إخوة من ذكور وإناث فنصيب الذكر مثل نصيب الأنثيين. يبين الله لكم هذا البيان حتى لا تضلوا في تقسيم الأنصباء، والله عالم علماً كاملاً بكل شيء من أعمالكم، ومجازيكم عليها.

.سورة المائدة:

.تفسير الآيات (1- 2):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (1) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)}
1- يا أيها المؤمنون: التزموا الوفاء بجميع العهود التي بينكم وبين الله، والعهود المشروعة التي بينكم وبين الناس. وقد أحل الله لكم أكل لحوم الأنعام من الإبل والبقر والغنم، إلا ما ينص لكم على تحريمه. ولا يجوز لكم صيد البر إذا كنتم مُحْرِمين، أو كنتم في أرض الحرم. إن الله يقضى بحكمته ما يريد من أحكام، وأن هذا من عهود الله عليكم.
2- يا أيها المؤمنون لا تستبيحوا حرمة شعائر الله، كمناسك الحج وقت الإحرام قبل التحلل منه وسائر أحكام الشريعة، ولا تنتهكوا حرمة الأشهر الحرم بإثارة الحرب فيها، ولا تعترضوا لما يُهْدَى من الأنعام إلى بيت الله الحرام باغتصابه أو منع بلوغه محله، ولا تنزعوا القلائد، وهى العلامات التي توضع في الأعناق، إشعاراً بقصد البيت الحرام، وأنها ستكون ذبيحة في الحج، ولا تعترضوا لِقُصَّادِ بيت الله الحرام يبتغون فضل الله ورضاه، وإذا تحللتم من الإحرام، وخرجتم من أرض الحرم، فلكم أن تصطادوا، ولا يحملنكم بغضكم الشديد لقوم صدوكم عن المسجد الحرام على الاعتداء عليهم. وليتعاون بعضكم مع بعض- أيها المؤمنون- على فعل الخير وجميع الطاعات، ولا تتعاونوا على المعاصى ومجاوزة حدود الله، واخشوا عقاب الله وبطشه، إن الله شديد العقاب لمن خالفه.